معركة شيخ الازهر
بقلم الكاتب الصحفي: احمد ابو المعاطي
لعلها المرة الثالثة أو الرابعة خلال شهور، يتعرض فيها فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، لتلك الموجات المتواصلة من الغمز واللمز، والتى بلغت فى بعض الأحيان، حد الاجتراء على موقعه الرفيع، كرأس للمؤسسة الدينية الأهم والأبرز فى العالمين العربى والإسلامى.
وأغلب الظن أن تلك الموجات لن تتوقف، ولعلها تذهب خلال مقبل الأيام، إلى ما يشبه الحملة الممنهجة، لحصار الإمام وربما ترويعه، لإجباره ومن خلفه فى تلك المؤسسة العريقة، التى تحظى بمكانة خاصة فى قلوب المسلمين، على التزام الصمت، إزاء واحد من أكبر المخططات التى تستهدف منطقتنا العربية، ويجرى تنفيذها منذ شهور على قدم وساق، فيما يعرف بـمشروع الديانة الإبراهيمية الجديدة.
ويحار المرء كثيرا، فى فهم تلك المحاولات المستمرة، لإقحام اسم الدكتور الطيب، فى مثل تلك المساجلات الجدلية والساذجة، التى تظهر بين حين وآخر على شاشات الفضائيات، بالمرور السريع والعابر على بعض قضايا الخلاف الفقهى، بينما المكان الطبيعى لمثل تلك المناقشات إذا ما استهدفت الانضباط والجدة، هو قاعات العلم والبحث، وليس تلك الدقائق العابرة التى تفرضها توقيتات البث، وسطوة الإعلانات فى البرامج الفضائية، والحقيقة أن الهدف الحقيقى لمثل هذا الجدل معلوم للعامة، الذين يعرفون بحنكتهم التاريخية، أنه يستهدف وضع الإمام الأكبر بين شقى رحى، إما أن يلتزم الصمت ازاء مثل تلك الترهات، وهذا هو الأصوب بالقطع، أو يعكف على ملاحقة مثل تلك التخرصات، التى تنتقل عدواها بين الشاشات، على نحو أسرع من انتشار متحور أوميكرون الجديد.
على أن أغرب ما يمكن أن تسمعه، فى مثل هذه القضية الخطيرة، هو هذا الدفاع العجيب من قبل بعض الكانتونات الفكرية، تحت دعوى حماية المدنية والحداثة، بينما الأمر فى حقيقته، لا يعدو أكثر من تخرصات، أو أفكار عبثية لا تلامس أرضا ولا سماء، تماما مثل هذا العبث الذى انطلق قبل عام، تحت فكرة ما يسمى بـ«الديانة الإبراهيمية»، التى ظهرت فى حقيقة الأمر، كفكرة قد تتحول الى مشروع تحت التأسيس، لإضفاء مسحة دينية وإنسانية، على رحلة قطار التطبيع الذى انطلق بسرعته القصوى، ليدهس مشايخ وممالك، كانت حتى سبعينيات القرن الماضى، تمثل رأس الحربة فيما كان يسمى بـجبهة الرفض للاتفاقية التى وقعتها مصر مع اسرائيل عقب انتصارات أكتوبر.
كان فضيلة الإمام الطيب، هو أول من سخر من فكرة ما يسمى بــ «الديانة الإبراهيمية» المزعومة، فوصفها بأنها أضغاث أحلام على ما تنطوى عليه من مصادرة للحريات الدينية، والحق فى الاختلاف فى الاعتقاد، بل وحرية الإنسان فى الاختيار، مؤكدا فى غير مناسبة، أنها تشبه الى حد كبير العولمة ونهاية التاريخ، رغم ما تحمله فى ظاهرها من مسحة تبدو عصرية وإنسانية، ولعلها الطريقة نفسها، التى ينتهجها البعض اليوم، فى الاجتراء على كثير من ثوابث العقيدة والشريعة، تحت شعارات المدنية والحداثة.
تعليقات
إرسال تعليق